منتديات الأستاذ : موجــاج مـهدي للقانون العام والخاص
توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال W6w20012



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الأستاذ : موجــاج مـهدي للقانون العام والخاص
توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال W6w20012

منتديات الأستاذ : موجــاج مـهدي للقانون العام والخاص
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال

اذهب الى الأسفل

توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال Empty توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال

مُساهمة من طرف الأستاذ : موجاج مهدي الجمعة سبتمبر 16, 2011 5:49 pm

توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال Bsm_al11

توزيع الاختصاص بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال :
كان قضاء الاستعجال يتم عن طريق القاضي الفرد – وهو رئيس الغرفة الإدارية المعنية بينما يتم قضاء الموضوع بتشكيلة جماعية تضم أعضاء الغرفة، غير أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد عدل عن هذه القاعدة عندما نص صراحة على أنه "يفصل في مادة الاستعجال بالتشكيلة الجماعية المنوط بها البت في دعوى الموضوع" (م. 917 ق.إ.م.إ) .
يندرج توزيع الاختصاص بين قاضي الموضوع وقاضي الأمور المستعجلة في فقه المرافعات ضمن الاختصاص النوعي وقد كان الأمر كذلك في القانون الجزائري القديم للإجراءات المدنية، غير أنه بصدور القانون الجديد للإجراءات المدنية والإدارية المؤرخ في 25 فبراير 2008 تغيـر الأمر شيئـا مـا، ذلك أن هذا القانون وحد جهة التقاضي في دعاوى الموضوع والدعاوى الاستعجالية، فالتشكيلة الجماعية التي تفصل في الدعوى الاستعجالية هي التي تفصل في دعوى الموضـوع، وبمعنى آخر فإنه إذا ظهر للتشكيلة الجالسة للنظر في القضايـا الاستعجاليـة أن شروط الاستعجال غير متوفرة، فإنها لا تحكم بعدم الاختصاص النوعي كما كان الأمر سابقا على اعتبار أن الاختصاص يعود لقاضي الموضوع، بل عليها وفقا للقانون الجديد أن تحكم "برفض الطلب" ونحن نعرف أن الحكم برفض الطلب هو حكم في الموضوع لا يصدر إلا عن قاضي الموضوع، الذي هو نفسه قاضي الاستعجال هنا. إن الحكم بعدم الاختصـاص لا يكون إلا في حالة واحدة وهي الحالـة التي تكون الدعوى الاستعجاليـة من اختصاص القضاء العادي.
لقد نصت على ذلك صراحة المادة (924) ق.إ..م.إ بقولها: "عندما لا يتوفر الاستعجال في الطلب أو يكون غير مؤسس يرفض قاضي الاستعجال هذا الطلب بأمر مسبب.
وعندما يظهر أن الطلب لا يدخل ضمن اختصاص الجهة القضائية الإدارية، يحكم القاضي بعدم الاختصاص النوعي" .
إن مسلك المشرع هنا أيضا غير مبرر ولا يخلو من تناقضات ويخالف المفاهيم القانونية المعروفة في فقه المرافعات، لقد انساق وراء هدف تبسيط الإجراءات وإعفاء المتقاضين من أعباء الأحكام بعدم الاختصاص وتحميلهم أعباء دعاوى أخرى أمام قاضي الموضوع.
إننا وإن كنا لا ننكر ميزة تبسيط الإجراءات وتخفيف الأعباء، غير أننا نعتقـد أنـه لا ينبغي المبالغة في ذلك إلى درجة الخروج على مفاهيم فقـه المرافعـات، لاسيما وان الدعاوى القضائيـة أمام المحاكم الإداريـة ومجلس الدولـة تباشر من قبل محامين، ومن ثمة فإن احتمالات الدفوع بعيوب عدم الاختصاص ستتناقص، من جهة، ومن جهة ثانية فإن مثل هذا النص يكاد يهدم أصلا نظرية القضـاء الاستعجالي ويقضي على خصوصياتها، ويكاد يقتصر الأمـر في هذه الحالـة كفارق بين القضـاء الاستعجالي وقضاء الموضوع على تقليص الإجراءات والمهل لا غير.
ومهمـا يكن من أمر، ولتيسير الفهم فإننا سنتولى دراسـة شروط انعقـاد الخصومـة الاستعجاليـة في مبحث أول، ثم تطبيقـات القضـاء الاستعجالي في مبحث ثـاني، وأخيرا نعرض في مبحث ثالث لأهم خصائـص القضـاء الاستعجـالي.
المبحث الأول : شروط انعقاد الخصومة الاستعجالية :
قد تطرأ أثناء سير الدعوى الإدارية مشاكل تتطلب حلولا استعجالية في شكل تدابير مؤقتة يتعين اتخاذها قبل الفصل في موضوع النزاع نهائيا. وأحيانا أخرى قد تحدث أمورا يخشى لو اتبعت بشأنها إجراءات دعوى الموضوع الطويلة أن تنمحي آثارها ويصعب بالتالي تدارك الأضرار الناتجة عنها، الأمر الذي يفرض اتخاذ إجراءات سريعة في انتظار رفع دعوى الموضوع.
إن هذه الإجراءات السريعة والتدابير المؤقتة لا تعود لاختصاص قاضي الموضوع، وإنما إلى اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، الذي يلجأ إليه الأطراف في هذه الحالة بموجب دعوى استعجالية.
إن الدعوى الاستعجاليـة هي إذن إجراء يطلب بموجبـه أحـد الأطـراف – في الغالب فردا – اتخاذ إجراء مؤقت وسريع لحماية مصالحه قبل أن تتعرض لنتائج يصعب تداركها .
إنه بغض النظر عن ضرورة توفر الدعوى الاستعجالية على شروط قبول الدعوى وعلى شروط العريضة ،فإنه يتعين توفر شروط معينة ليحكم القاضي بالتدبير المطلوب، وهي الشروط التي إذا تخلفت حكم القاضي برفض دعوى الاستعجال، بعض هذه الشروط نص عليها القانون صراحة وبعضها أقره الاجتهاد القضائي.


المطلب الأول: الشروط المقررة بحكم القانون :
تستنبط الشروط المقررة بنص القانون من جملة من المواد الواردة في قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وهكذا نصت المادة (918 ق.إ.م.إ) على ما يلي: "يأمر قاضي الاستعجال بالتدابير المؤقتة، لا ينظر في أصل الحق، ويفصل في أقرب الآجال".
ونستخلص من هذه المادة شرط تعلق الطلب الاستعجالي بتدبير مؤقت وليس دائم، وشرط ألا يتعلق النزاع بأصل الحق.
ونصت المادة (920 ق.إ.م.إ) على ما يلي: " يمكن لقاضي الاستعجال عندما يفصل في الطلب المشار إليه في المادة (919) أعلاه ([11])، إذا كانت ظروف الاستعجال قائمة، أن يأمر بكل التدابير الضرورية للمحافظة على الحريات الأساسية المنتهكة ...".
ونستخلص من هذه المادة شرط وجود حالة الاستعجال.
ونستخلص من المادة (921 ق.إ.م.إ) شرط حالة الاستعجال القصوى، وشرط عدم عرقلة التدبير الاستعجالي المطلوب تنفيذ القرار الإداري.
ويظهر من مقارنة نص المادة (171) مكرر من القانون القديم للإجراءات مع النصوص الجديدة أن المشرع - على غرار فرنسا – تنازل عن شرط عدم مساس النزاع بالنظام العام، واحتفظ بباقي الشروط.
الفــرع الأول : وجود حالـة استعجـال ETAT D'URGENCE :
لقد أشارت المواد 920، 921، 924 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى "حالة الاستعجال" دون أن تعرفها تاركة المجال مفسوحا للاجتهاد القضائي ليحدد مفهوم "الاستعجال" حالة بحالة .
وفي الحقيقة إن أية محاولة من المشرع لتعريف حالة الاستعجال أو صياغة قائمة حصرية لها يعني تقييد القاضي. إن القاضي هو أقرب لمعايشة الواقع من المشرع الذي لن يستطيع مهما تنبأ أن يحصر جميع حالات الاستعجال.
مبدئيا يمكن أن نقول أن حالة الاستعجال تقوم بمجرد وجود "وضعية يخشى أن تصبح غير قابلة للإصلاح" ، كما هو الحال في زوال أو تغير الوقائع التي سببت الضرر (تسرب المياه مثلا)، وكما هو حالة البضائع القابلة للتلف المحجوزة بمصالح الجمارك...إلخ".
وفي مفهوم المحكمة العليا فإننا نكون أمام حالة استعجال كلما "كنا أمام حالة يستحيل حلها " فيما بعد . وكذلك نكون أمام حالة استعجال كلما كنا بصدد الإجراءات المتعلقة بهدم المباني الآيلة للسقوط .
ونكون أمام حالة استعجال أيضا في المسائل المرتبطة بالحراسة القضائية، وهكذا فإن تحديد الأتعاب المستحقة للحارس القضائي تدخل ضمن اختصاص القضاء الاستعجالي لكونه هو المختص أصلا بتعيين الحارس القضائي .
وعلى العكس لا وجود لحالة استعجال في مفهوم المحكمة العليا كلما كانت المدة الفاصلة بين الوقائع وبين تاريخ رفع الدعوى طويلة، وهكذا فلا وجود"لحالة الاستعجال" طالما أن الطاعن لم يلجأ إلى القضاء بدعوى استعجالية إلا بعد مرور ثلاث سنوات من صدور القرار المطلوب وقف تنفيذه.
ودائما تطبيقا لمعيار "الزمن" فإنه لا وجود لحالة استعجال طالما أن الشركة الطاعنة لم تلجأ إلى القضاء الاستعجالي لتعيين خبير من أجل "معاينة حالة الأشغال التي أنجزتها لصالح ولاية... وتقييمها" إلا بعد مرور شهرين من فسخ الصفقة معها من قبل الإدارة وإسنادها إلى مقاول آخر.
إن معالم الوقائع المادية المراد معاينتها وتقييمها تكون قد تغيرت بفعل الأشغال التي انطلقت فيها خلال شهرين كاملين . إن معيار الزمن نسبي، فهنا يأخذ مدى قصيرا إذ كان على الطاعنة أن ترفع الدعوى الاستعجالية قبل أن يتسلم المقاول الجديد الأشغال وتضيع معالم الأشغال التي أنجزتها الطاعنة وتختلط مع الأشغال الجديدة.
وأخيرا فإنه لا وجود لحالة الاستعجال في الدعوى الرامية إلى وقف الأشغال التي شرعت فيها الإدارة على قطعة أرض ملكية للمدعين طالما أن هذه الأشغال تنصب على جزء فقط من الأراضي، وليس على كل الأراضي الأمر الذي يعني إمكانية تمكين المدعين من احتياجاتهم العائلية .
إذا كانت القاعدة، هي أن تحديد مدى توفر حالة الاستعجال متروك للاجتهاد القضائي، فإن ذلك لا يعني أن المشرع لا يتدخل نهائيا، فهناك إلى جانب حالات الاستعجال التي كرسها القضاء، كما هو الحال في الأمثلة السابقة هناك حالات كرسها القانون، حيث يتدخل المشرع من حين لآخر للنص على الطابع الاستعجالي لبعض المنازعات نذكر منها بعض هذه الحالات التي أشار إليها قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وبعضها جاءت الإشارة إليها في نصوص متفرقة.
أولا: حـالات الاستعجـال بنص قانـون الإجـراءات المدنيــة والإداريـة :
1- حالة الاستعجال في مادة إثبات الحالة وتدابير التحقيق :
• في مادة إثبـات الحالـة :
بدأ المشرع الجزائري على غرار المشرع الفرنسي يتسامح بخصوص شرط الاستعجال، وهكذا أجاز للقاضي الاستعجالي أن يأمر بمجرد أمر على عريضة، - ولو في غياب قرار إداري مسبق - بتعيين خبير ليقوم بإثبات "الوقائع" التي من شأنها أن تؤدي إلى قيام نزاع (م. 939 ق.إ.م.إ).
إن الشرط الوحيد للأمر بتعيين خبير هنا هو ألا يتجاوز موضوع الطلب إثبات وقائع مادية لا غير، ففي هذه الحالة يأمر القاضي الاستعجالي على ذيل عريضة بسيطة بتعيين خبير دون التشدد والتأكد من وجود حالة استعجالية حقيقية، وكأن المشرع اعتبر ذلك حالة استعجالية بقوة القانون، طالما أن الأمر لا يتجاوز مجرد إثبات وقائع مادية، ويكون الأمر هنا دون مناقشة وجاهية بين الأطراف، إذ نصت المادة (939 ق.إ.م.إ) على أنه "يتم إشعار المدعى عليه المحتمل اختصامه من قبل الخبير المعين على الفور" ومن ثمة فإن هذا الأمر غير قضائي وهو مجرد عمل ولائي غير خاضع للاستئناف.
يبدو أن المشرع الجزائري تأثر هنا بالمشرع الفرنسي، حيث تخلى مرسوم 2 سبتمبر 1988 في فرنسا عن شرط "الاستعجال" الذي كان لازما من أجل تعيين أو الأمر بأي إجراء من إجراءات التحقيق، فلم يعد منذ ذلك التاريخ في فرنسا من اللازم وجود حالة استعجال "حقيقية" ليأمر القاضي الاستعجالي بتعيين خبير أو بأي إجراء من إجراءات التحقيق (م. 2) من المرسوم .
• في تدابير التحقيق
أجازت المادة (940 ق.إ.م.إ) لقاضي الاستعجال - ولو في غياب قرار إداري مسبق – أن "يأمر بكل تدبير ضروري للخبرة أو التحقيق، ويتعلق الأمر هنا بالخبرة التي يتجاوز موضوعها مجرد إثبات وقائع مادية إلى التحقيق في النزاع، كما قد يتعلق الأمر بباقي تدابير التحقيق، مثلا أمر بأداء اليمين أو سماع شهود...الخ.
يصدر الأمر هنا بناء على عريضة يتم "التبليغ الرسمي لها حالا إلى المدعى عليه مع تحديد أجل للرد من قبل المحكمة" المادة (941 ق.إ.م.إ) .
يعني هذا النص أن الإجراءات هنا وجاهية بين الأطراف وهذه خاصية من خصائص الأوامر القضائية – وليس الولائية – القابلة للطعن ،
غير أن هذه المادة لا تتحدث عن إمكانية الطعن كما فعلته في حالات استعجال أخرى سنأتي على ذكرها، ومن جهة ثانية فإن المشرع قد أشار في المادة (937 ق.إ.م.إ) إلى أن الأوامر المتعلقة بقمع الاعتداء على الحريات الأساسية المنصوص عليهـا في المـادة (920 ق.إ.م.إ) قابلة للاستئناف وكذلك أشار في المادة (938 ق.إ.م.إ) إلى إمكانية استئناف الأوامر القاضية برفض دعوى الاستعجال أو بعدم الاختصاص النوعي، وهو ما يثير الغموض حول مدى جواز استئناف الأوامر المتضمنة مثلا تعيين خبير للتحقيق في القضية أو أي تدبير آخر للتحقيق وفقا لمضمون المادة (940 ق.إ.م.إ) في غياب النص صراحة على جواز الاستئناف، أما إذا كان الأمر بالرفض فيمكن أن نطبق عليـه المـادة (938 ق.إ.م.إ) ويزداد هذا الغموض أكثر عندما نعلم أن المادة (936 ق.إ.م.إ) الواردة ضمن القسم الخاص بطرق الطعن في الأوامر الاستعجالية، نصت على أن الأوامر الصادرة تطبيقا للمواد (919) المتعلقة بوقف تنفيذ القرارات الإدارية، و(921) المتعلقة بالأوامر على العرائض المتعلقة بأي "تدبير ضروري" في حالة الاستعجال القصوى وفي حالة التعدي أو الاستيلاء أو الغلق، الإداري، و(922) المتعلقة بتعديل التدابير التي سبق أن أمر بها القاضي في حالة ظهور مقتضيات جديدة وبناء على طلب الأطراف ، إن جميع هذه الأوامر غير قابلـة لأي طعـن، فهل يمكن أن نعتبر الأوامر الصادرة وفقا للمادة (940 ق.إ.م.إ) - ولو أنها بناء على عريضة وجاهية – غير قابلـة لأي طعن كونها تتعلـق بتدابير الاستعجال المنصوص عليها في المادة (921) ؟ إن الجواب بالنفي لأن هذه المادة تتعلق بالأوامر على العرائض.
2- حالة الاستعجال في مادة التسبيق المالي :
نصت المادة(942ق.إ.م.إ)صراحة على حالة الاستعجال الخاصة بالتسبيق المالي بقولها: "يجوز لقاضي الاستعجال أن يمنح تسبيقا ماليا إلى الدائن الذي رفع دعوى في الموضوع أمام المحكمة الإدارية، مالم ينازع في وجود الدين بصفة جدية.
ويجوز ولو تلقائيا أن يخضع هذا التسبيق لتقديم ضمان".
تتجلى من الصياغة المباشرة لهذه المادة الشروط التي تبناها المشرع للأمر بالتسبيق المالي من قبل القاضي الاستعجالي وهي شروط شبيهة بالشروط التي أقرها التشريع الفرنسي، ويتعلق الأمر بما يلي:
- وجود دين ثابت غير منازع فيه بصفة جدية.
- أن تكون دعوى الموضوع بخصوص الدين قد نشرت.
- وأخيرا هنـاك شرط اختيـاري إذ يجـوز للقـاضي أن يشترط تقديم ضمان ليأمر بالتسبيق .
ويجوز كذلك لمجلس الدولة بمناسبة الاستئناف المرفوع أمامه أن يمنح تسبيقا ماليا متى طلبه الدائن، وكان هذا الدين ثابتا غير منازع فيه، أي بنفس الشروط المطلوبة أمام المحكمة الإدارية المادة (944 ق.إ.م.إ).
إن هذه الحالات تقودنا إلى المقارنة مع فرنسا أين أصبح معروفا منذ 1988 نوع من القضاء الاستعجالي في مجال "التسبيقات المالية" كان من قبل يعتبر من قضاء الموضوع لتعلقه بأصل الحق .
وهكذا فقد أنشأ المرسوم رقم 88/907 بتاريخ 2 سبتمبر 1988 المتعلق بمختلف الإجراءات الإدارية القضائية ، أنشأ حالة استعجال جديدة هي الاستعجال الخاص بالتسبيق"REFERE- PROVISION" كما هو الحال في الاستعجال المدني.
والمقصود بهذه الحالة أنه عندما يلاحظ القاضي - (مجلس الدولة، أو المحاكم الإدارية، أو محاكم الاستئناف) - "وجود التزام غير مشكوك فيه" في ذمة المدعى عليه حكم للمدعي على سبيل الاستعجال بتسبيق مالي .
كان مجلس الدولة الفرنسي قبل هذا التاريخ يرفض هذا النوع من القضاء الاستعجالي لأنه ينطوي على مساس بأصل الحق ، فهو يتعلق في حقيقته بفحص مدى الالتزام غير المشكوك فيه ليحكم بالتسبيق .
إن القضاء الاستعجالي في مجال التسبيق المالي مفيد في بعض الحالات، مثل حالة المسؤولية دون خطإ، أين يكون الالتزام فيها ثابتا وغير مشكوك فيه، ومثل حالة الديون الثابتة بسند رسمي، ومن ثمة فانه من المعقول الأمر على وجه الاستعجال بالتسبيق المالي على ذمة هذا الالتزام ، ولو أن المادة (129/القسم التنظيمي) من قانون المحاكم الإدارية الجديد في فرنسا تربط هذا التسبيق بضمان.
أما الفقرة الأولى من المادة (4) من مرسوم 2 سبتمبر 1988 المذكور فإنها تسمح لرئيس قسم المنازعات بمجلس الدولة الفرنسي بالأمر بأي إجراء يؤدي إلى حل النزاع دون اشتراط حالة استعجال .
وخلاصة القول فان النصوص التشريعية في فرنسا و الجزائر تتسامح بخصوص "شروط حالة الاستعجال" لقبول الدعوى الاستعجالية، بينما تتشدد أحكام القضاء في الجزائر كثيرا بخصوص هذا الشرط. إن نسبة كبيرة من القضايا الاستعجالية تتوج بصدور أمر بعدم الاختصاص لانعدام الطابع الاستعجالي (وبمفهوم قانون الإجراءات المدنية والإدارية يجب أن تتوج بالرفض).
3- حالة الاستعجال في مادة الصفقات العمومية :
نصت المادة (946 ق.إ.م.إ) على هذه الحالة واضعة المبدأ في فقرتها الأولى بقولها: "يجوز إخطار المحكمة الإدارية بعريضة، وذلك في حالة الإخلال بالتزامات الإشهار أو المنافسة التي تخضع لها عمليات إبرام العقود الإدارية والصفقات".
تتعلق هذه الحالة بمخالفة الإجراءات المسبقة لإبرام الصفقات العمومية والعقود الإدارية بصفة عامة، ولاسيما قواعد الإشهار التي تضمن الشفافية ومساواة المتنافسين، فلكل من له مصلحة أن يرفع دعوى استعجالية يلتمس فيها أمر المتسبب في الإخـلال بالتزامـات الإشهار أو المنافسة بالامتثال لالتزاماته في أجل معين، وللمحكمة الإدارية أن تحكم بذلك كما لها أن تحكم بغرامة تهديدية تسري ابتداء من انتهاء الأجل، كما يمكن لها أن تأمر فور تسجيل الدعوى بتأجيل إمضاء العقد إلى نهاية الإجراءات (م. 946 الفقرات 2، 3، 4، 5 ق.إ.م.إ) ويفصـل القاضي الاستعجالي في الدعـوى في أجل أقصـاه عشرون (20) يوما من تاريخ رفع الدعوى (م.947 ق.إ.م.إ) .
مرة أخرى يترك المشرع الغموض حول مدى قابلية الأوامر الصادرة تطبيقا لهذه المادة للطعن بالاستئناف، ومصدر هذا الغموض نابع من أنه في حالات أخرى نص صراحة على القابلية للطعن (مثلا في حالة التسبيق المالي) وفي الحالات الأخرى ومنها هذه الحالة فإنه لم ينص عليه، وأكثر من ذلك فإنه نص في المادتين (936) و(937) على الأوامر القابلة للاستئناف، وعلى تلك غير القابلة للاستئناف، ولا توجد مادة الصفقات العمومية المنصوص عليها بالـمادة (946 ق.إ.م.إ) ضمن أي من الفئتين. إننا نعتقد بأن الأوامر الصادرة في مادة الصفقات العمومية بموجب المادة (946 ق.إ.م.إ) تكون قابلة للطعن بالاستئناف طالما نصت المادة الموالية على أجل للفصل في الدعوى، وبطبيعة الحال فإن ميعاد الاستئناف وإجراءاته يخضع للقواعد العامة المقررة للطعن في الأوامر الاستعجالية، طالما لم ينص المشرع على أحكام خاصة.
إننا نعيب على المشرع هذه المنهجية غير الموحدة، إذ كان عليه أن يتبع منهجية واحدة سواء بالنص فقط على الأوامر غير القابلة للطعن، وما عداها فهو قابل للطعن، أو العكس فينص على أن الأوامر الاستعجالية قابلة للطعن إلا في حالات أو مواد معينة (ويذكرها) وكل ذلك مع مراعاة النصوص الخاصة.
4- حالة الاستعجال في مادة الضرائب :
نصت على هذه الحالة المادة (948 ق.إ.م.إ) وأحالت في إجراءاتها على قانون الإجراءات الجبائية.
وبالرجوع إلى هذه الأخيرة نلاحظ أنه يشير إلى حالة الاستعجال المتعلقة بالغرامة التهديدية، حيث نصت المادة (103 ق.إ.ج) على اختصاص "المحكمة الإدارية التي تبت في القضايـا الاستعجالية" بتوقيع الغرامة التهديدية على أساس عريضة يقدمها مدير الضرائب بالولاية ضد كل شخص أو شركة منع حق الاطلاع على الدفاتر والمستندات والوثائق التي يتعين عليها تقديمها لأعوان إدارة الضرائب وفقا للتشريع، أو تقوم بإتلافها هذه الوثائق قبل انقضاء الآجال المقررة لحفظها.
كما استقر الاجتهاد القضائي على حالة استعجالية أخرى تتعلق بوقف تحصيل الضريبة، حيث اعتبرها من اختصاص القضاء الاستعجالي طالما كانت دعوى الموضوع منشورة ، ولو أن قانون الإجراءات الجبائية لا يشير إلى حالة استعجال خاصة بوقف التحصيل الضريبي مكتفيا بالنص على إمكانية إفادة الإدارة المدعي بإرجاء دفع المبلغ المتنازع فيه إذا طلب في عريضة افتتاح دعواه الاستفادة من ذلك، وكانت له ضمانات (م. 114، 198. ق.إ.ج).
ثانيا : حالات الاستعجال بموجب نصوص متفرقة (أمثلة) :
1- حالة إبعاد الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية.
لقد نص القانون رقم 08-11 المؤرخ في 25 يوينو سنة 2008 المتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم فيها، على جواز إبعاد الأجنبي خارج الإقليم الجزائري، ويكون الإبعاد في حالات معينة وبموجب قرار من وزير الداخلية (م 30).
على سبيل الحماية القانونية لحقوق الأجانب نص القانـون في مادتـه (31/2) على حق الطعن في قرار الإبعاد أمام القاضي الاستعجالي المختص في المواد الإدارية في أجل خمسة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ القرار، وقيدت الفقرة الثانية من نفس المادة، القاضي بأجل للفصل في الدعوى وهو عشرون يوما ابتداء من تسجيل الطعن والحكمة واضحة من تقصير الآجال هنا.
يبـدو أن موضوع الطعن هنـا يتعلق بأصل الحق، أي بإلغاء القـرار رغم أن الأمر يتعلق بدعوى استعجاليـة بنص القانون وبمجرد تسجيـل الطعن يوقف تنفيـذ القـرار.
وأخيرا يجوز بنص القانون الأمر بوقف تنفيذ قرار الإبعاد من قبل القاضي الاستعجالي في حالة الضرورة القصوى ولاسيما في حالات إنسانية .
2- منازعات الطرد من المساكن والمحلات التجارية بسبب غلق الأماكن و عدم استغلالها أو عدم تسديد مستحقات الإيجار، و يختص بنظرها القضاء الاستعجالي الفاصل في المواد المدنية والتجارية. لقد نصت على هذا الاختصاص صراحة أحكام المادة (9) من المرسوم رقم 63/65 المؤرخ في 18 فيفري 1963 والمتعلق بالإيجارات وذلك بعد معاينة حالة الغلق و إنذار المعني بإعادة فتح الأماكن خلال شهر، وكذلك بعد إنذار المستأجر بتسديد مستحقات الإيجار خلال شهر .
3- المنازعات المتعلقة بالأحزاب السياسية.
ويختص بها قضاء الموضوع بإجراءات سريعة، بسبب وجود حالة استعجالية مشار إليها في المادة (36) من قانون الأحزاب السياسية، وذلك عندما يتعلق الأمر بقرار وزير الداخلية المتضمن تعليق أو منع الأنشطة الحزبية للأعضـاء المؤسسين وغلق المقار، حيث تفصل الجهة القضائيـة الإداريـة في الدعوى في أجل قصير وهو شهر واحد من تاريخ تسجيل الدعوى، وحتى في حالة الاستئناف فإن مجلس الدولة كذلك مقيد بهذا الأجل القصير، نحن هنا أمام قضاء موضوع كون النزاع يتعلق بأصل الحق، ولكن الفصل فيه يتم بإجراءات سريعة نظرا لتوفر حالة استعجال بنص القانون .
وعندما يتعلق الأمر بمخالفات مرتكبة من قبل حزب سياسي معتمد فإن توقيفه أو حله أو غلق مقاره، يكون بحكم قضائي تصدره المحكمة الإدارية لمدينة الجزائر خلا ل شهر واحد من رفع الدعوى(م.37)وتستمر هذه المهلة كذلك بالنسبة للاستئناف. إن تقصير المهل في دعوى موضوع هو بسبب الحالة الاستعجالية ولابد من الإشارة كذلك إلى استمرار هذا المسلك في منازعات الاعتماد .
إن تقصير المهل واستعمال إجراءات سريعة هو من خصائص القضاء المستعجل وليس قضاء الموضوع. إن هذا النوع من القضاء هو في رأينا قضاء من نوع خاص، قضاء وسط، بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال، ولنقل أنه قضاء موضوع بإجراءات سريعة تستجيب لحالة الاستعجال.
4- إن هذا النمط هو مسلك ثابت للمشرع الجزائري في عدة نصوص، وهكذا يتكرر تقصير المهل في منازعات التصريح بعدم قانونية إنشاء الجمعيات غير السياسية، حيث يتعين على المحكمة الإدارية أن تفصل في النزاع خلال شهر من رفع الدعوى إليها، و هذه الأخيرة مقيدة هي الأخرى بميعاد قصير و هي ثمانية أيام من يوم انتهاء مهلة الدراسة (وهي شهرين) . فالنزاع يتعلق هنا بأصل الحق وليس بمجرد إجراء تحفظي مؤقت، لكنه يتم وفق إجراءات سريعة، بسبب وجود حالة الاستعجال .
5- إن نفس المسلك كذلك نلاحظه في قانون نزع الملكية ، حيث تقيد المادة (14) الجهة القضائية بالفصل في دعوى إلغاء قرار التصريح بالمنفعة العمومية بمهلة شهر من تاريخ رفع الأمر إليها، ويستمر تقصير المهل والإجراءات على مستوى الاستئناف حيث تصبح المهلة شهرين ( المادة 14) .
فالدعوى هنا تتعلق بأصل الحق وهو مدى مشروعية قرار التصريح بالمنفعة العمومية، ولكنه بسبب وجود حالة الاستعجال فان المشرع يقرر الفصل في الدعوى على وجه السرعة، يكمن وجه الاستعجال هنا في وجود مشروع للمنفعة العامة معلق على الفصل في الدعوى.
إن نفس القانون ينص في مكان آخر على حالة استعجال أخرى ولكن هذه المرة بالإعلان صراحة على اختصاص القاضي الاستعجالي . إن الأمر يتعلق بالدعوى التي ترفعها السلطة الإدارية والرامية إلى الإشهاد لها بحيازة الأموال المنزوعة "ويصدر القرار القضائي حينها حسب إجراء الاستعجال" . وبالفعل فان الأمر هنا يتعلق بمجرد إجراء تحفظي و هو معاينة و جرد و ربما تقييم هذه الأموال ، من صميم الإجراءات الاستعجالية و ليس إجراء الموضوع.
6- و أخيرا فإن هذا المسلك "قضاء موضوع بإجراءات سريعة" قديم نسبيا في عرف المشرع الجزائري، وكنا قد عرفناه في المنازعات الانتخابية المحلية عندما كانت من اختصاص اللجان الانتخابية منذ صدور قانون البلدية وقانون الولاية (في 1967 و1969على التوالي)، ثم قانون الانتخابات سنة 1980 وأخيرا في القانون العضوي رقم 04-01 المؤرخ في 7 فبراير 2004 المعدل والمتمم للأمر رقم 97-07 عندما جعل الاختصاص في مجال منازعات العمليات التحضيرية، للترشح للانتخابات المحلية والتشريعية للمحاكم الإدارية التي تفصل فيها بإجراءات سريعة ومهل قصيرة جدا، مما جعلنا نقرر أننا بصدد قضاء وسط بين قضاء الموضوع وقضاء الاستعجال ، أو أن المشرع يتخلى ضمنا عن شرط من الشروط التقليدية للدعوى الاستعجالية وهو ألا تتعلق بأصل الحق، فيقرر إجراءات استعجالية لنزاع يتعلق بأصل الحق كما سيتضح لنا بعد قليل عند دراسة هذا الشرط.
لقد كرس التطبيق العملي في الجزائر نوعين من حالات الاستعجال: حالة استعجال بسيطة وتسمح بنشر دعوى استعجالية تنظر أسبوعيا ضمن جلسات القسم الاستعجالي، وحالة استعجال قصوى تسمح بنشر دعوى استعجالية تنظر "من ساعة إلى ساعة" حيث تعرض العريضة المتعلقة بحالة الاستعجال القصوى على رئيس المحكمة الإدارية الذي إذا ما اقتنع بوجود حالة الاستعجال القصوى يأمر بتسجيلها ونظرها "ساعة بساعة "أي يأمر بتقصير آجال الرد فيها إلى أقصى حد.
ويجب أن نلاحظ إن لهذا العرف القضائي أساس في نصوص القانون الخاصة بالدعوى الاستعجالية في المواد المدنية خلافا للنصوص الإدارية.
الفرع الثاني : ألا يتعلق النزاع بأصل الحق :
SANS FAIRE PREJUDICE AU PRINCIPAL
المفروض أنه إذا تعلقت الطلبات الواردة في الدعوى الاستعجالية بأصل الحق، حكم القاضي الاستعجالي بعدم الاختصاص، لأن النزاع الخاص بموضوع الحق هو من اختصاص قاضي الموضوع، هذا هو المستقر عليه في فقه المرافعات، ولكن التطبيق الحرفي للمادة (924 ق.إ.م.إ) يؤدي إلى الحكم برفض الطلب.
يفصل قاضي الاستعجال في الدعوى الاستعجالية دون أن يتعرض للموضوع، أي أصل الحق، فمهمة القاضي الاستعجالي هي تسوية حالة مستعجلة عن طريق الأمر بتدبير تحفظي، أما الفصل في موضوع الحق فمن اختصاص قاضي الموضوع، غير أن الحدود بين قاضي الاستعجال وقاضي الموضوع قد ضاقت بفعل المادة (917 ق.إ.م.إ) التي تنص على وحدة تشكيلة قضاء الاستعجال وقضاء الموضوع.
أوامر القضاء الاستعجالي تكون ذات حجية مؤقتة، تنتهي مبدئيا بصدور حكم الموضوع ، إلا إذا قرر هذا الأخير تبني ما ذهب إليه الأمر الاستعجالي الذي يستمد في هذه الحالة استمرار حجيته ليس من ذاته ولكن من حكم الموضوع، وترتيبا على فكرة الحجية المؤقتة للأوامر الاستعجالية، يجوز للقاضي الرجوع عن الأمر المتخذ بناء على طلب كل من له مصلحة، متى ظهرت مقتضيات جديدة (م.922 ق.إ.م.إ)، ويكون الأمر الصادر تطبيقا لهذه المادة غير قابل لأي طعن (م. 936 ق.إ.م.إ).
نصت على شرط عدم تعلق النزاع بأصل الحق، المادة (918 .ق.إ.م.إ)، وهو الشرط الذي كان القانون القديم ينص عليه صراحة في المادة (171 مكرر.ق.إ.م).
لقد سنحت الفرصة للمحكمة العليا لتكرس بصرامة شرط " عدم تعلق النزاع بأصل الحق".
وهكذا قررت المحكمة العليا أن المطالبة بالديون الناتجة عن تنفيذ الأشغال المنجزة في إطار صفقة عمومية، تتعلق بأصل الحق، ومن ثمة تخرج عن اختصاص القضاء الاستعجالي.
كما أن طلب المدعي اعتبار الإنذار الموجه إليه من الإدارة لإخلاء الأماكن يعد تعديا، وبالتالي الحكم "ببطلانه"، طلب يتعلق بأصل الحق، ويخص "منازعـة جـادة" وليس مجـرد إجـراء تحفظي ومن ثمـة وجب القضـاء بعدم الاختصاص .
كذلك قرر قضاء المحكمة العليا أن طلب تأجيل بيع الإدارة العقار للغير إلى غاية الفصل في النزاع الدائر معها أمام قضاء الموضوع هو طلب يمس أصل الحق ، ومن ثمة وجب القضاء بعدم الاختصاص .
وفي نفس السياق قررت المحكمة العليا، إن طلب إلغاء التكليف بتسديد الضريبة، هو طلب في الموضوع، وليس مجرد إجراء تحفظي، ومن ثمة "فالنزاع جدي" ويستوجب القضاء بعدم الاختصاص .
الفرع الثالث : ألا يكون الهدف من الدعوى عرقلة تنفيذ قرار إداري :
فإذا كانت الدعوى الاستعجالية ترمي إلى وقف تنفيذ القرار الإداري حكم القاضي برفض الطلب، ونستثني من هذه القاعدة حالة القرارات التي تشكل تعديا وحالة قرارات الاستيلاء وغلق المحلات أين يجوز طلب وقف تنفيذ القرار، وفي الحالات التي نص فيها قانون الإجراءات المدنية والإدارية أو أية نصوص خاصة، على خلاف ذلك (أي على جواز وقف التنفيذ).
لقد ورد هذا الشرط في المادة (921 ق.إ.م.إ)، وفي حقيقة الأمر فانه بفضل تكامل وتطور نظرية التعدي، أصبحنا نعرف قضاءا استعجاليا غزيرا في مجال وقف تنفيذ القرارات. فقد توسع القضاء في ربط عدم مشروعية القرارات بنظرية التعدي ، حيث استقر القضاء على اعتبار القرارات المشوبة بلا شرعية صارخة بمثابة تعدي يتعين وقفه كلما وصل مرحلة التنفيذ المادي .
الفرع الرابع : أن تكون دعوى الموضوع قد نشرت :
لقـد قنن المشرع هذا الشرط الذي كان قد كرسـه الاجتهاد القضائـي. وهذا الشرط ليس مطلقا فهو يخص وقف التنفيذ فقط، ففي بعض الأحيان يكون من اللازم نشر دعوى الموضوع بالموازاة مع الدعوى الاستعجاليـة، كما هو الـحال في دعاوى وقف تنفيذ القـرارات. إذ ليس من المنطقي قبول الدعوى "الاستعجاليـة" الراميـة إلى وقف تنفيذ قرار إداري، وقبول طلب المدعي بوقف تنفيذ قرار لم ينازع في عدم مشروعيته أمام قضاء الموضوع، لقد قرر قضاء المحكمة العليا المبدأ بشكل عام. وعندما تكون دعوى الموضوع من الدعاوى التي يشترط فيها التظلم، فانه يكفي أن يقدم المدعي ما يثبت انه شرع في إجراءات الدعوى (أي ما يثبت قيامه بالتظلـم) ، ووسع المبدأ إلى دعاوى القانون الخـاص.
وفي بعض الأحيان الأخرى لا يكون من الضروري نشر دعوى الموضوع، كما هو الحال في الدعاوى الاستعجالية الرامية إلى إثبات التعدي، وقد تكون الدعوى الاستعجالية تمهيدا وتحضيرا لدعوى الموضوع (التعويض) التي لا يمكن إقامتها إلا بعد الدعوى الاستعجالية، فالمدعي يعتمد هنا على الحكم الاستعجالي (الخبرة) ليقيم دعوى الموضوع، وفي المقابل فإن الدعوى الاستعجالية تبقى مقبولة أيضا حتى إذا كانت دعوى الموضوع قد نشرت أمام قضاء الموضوع، لأن الدعويين ليستا متداخلتين ولكنهما متكاملتين. فإذا كانت الثانية تهدف إلى وضع حد للنزاع ، فان الأولى تهدف إلى تفادي الضرر الناشئ عن عدم تدارك الوقت.
المطلب الثاني : الشروط المقررة بحكم الاجتهاد القضائي :
لقد أقر الاجتهاد القضائي شرطين إضافيين لتقرير اختصاص القاضي الاستعجالي، يتعلق الشرط الأول بنشر دعوى الموضوع بالموازاة مع الدعوى الاستعجالية، وقد قنن المشرع هذا الشرط الأخير بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية المؤرخ في 25- 2- 2008، ويتعلق الشرط الثاني بوجوب رفع الدعوى الاستعجالية في آجال معقولة.
وقد سبق عرض هذا الشرط باعتباره معيارا لتقرير مدى وجود الحالة الاستعجالية ، فقد سبق أن بينا أن الاجتهاد القضائي لا يعتبر النزاع ذو طابع استعجالي كلما طالت المدة بين تاريخ الوقائع و تاريخ رفع الدعوى ، و لذلك نحيل على ما سبق عرضه في شرط "حالة الاستعجال" قبل قليل .

البقية في الموضوع التالي له انشاء الله .


الأستاذ : موجاج مهدي
الأستاذ : موجاج مهدي
Admin

عدد المساهمات : 421
نقاط : 1221
السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 05/12/2010
العمر : 35
الموقع : facebook : mehdi hypotep

https://droit-khenchela.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة
» الاستعجال في القضاء الإداري على ضوء القانون 08-09
» طبيعة الاختصاص الاقليمي
» نظرية الاختصاص القضاء الإداري للأستاذ مسعود شيهوب
» حضرة السادة المحترميين حفظكم الله الموضوع: دعوة لحضور المؤتمر العربى السادس (التطوير الاداري في المؤسسات الحكومية ) فرص التحول البناء مقر الأنعقاد : القاهرة – جمهورية مصر العربية مدة الانعقاد : من 24 الى 28 ديسمبر 2017م
» فندق اليت ورد اسطنبول يستضيف مؤتمر الدار العربية للتنمية الادارية السنوي الخامس في التطوير الادارية للمؤسسات الحكومية تحت عنوان السياسات العامة في 25 ديسمبر 2016 ارجو الاطلاع على الموضوع وترشيح من ترونة مناسبا من كوادر جهتكم الموقرة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى